إدارة الإفتاء

باب الاستنجاء وآداب التخلي

باب الاستنجاء وآداب التخلي

 

1- تعريف الاستنجاء :

الاستنجاء: إزالة ما خرج من السبيلين بماء طَهُور أو حَجَر طاهر مباح منقٍ.

والإنقاء بالماء معناه: أن يعود المكان طاهراً كما كان .

أما الإنقاء بالحجر فمعناه: أن يزيل الحجر النجاسة وبَلَّتها بحيث يخرج آخر حجر نقيًّا ولا يبقى بعده إلا أثر لا يزيله إلا الماء.

2- حكم الاستنجاء :

الاستنجاء واجب لكل ما خرج من السبيلين ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عائشة رضي الله عنها: (إِذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمْ إِلَى الغَائِطِ فَلْيَذْهَبْ مَعَهُ بِثَلاثَةِ أَحْجَارٍ يَسْتَطِيبُ بِهِنَّ, فَإِنَّهَا تُجْزِئُ عَنْهُ) [رواه أبو داود بإسناد صحيح]. ولقوله صلى الله عليه وسلم في المذي: (يَغْسِلْ ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأُ) [رواه البخاري ومسلم] .

إلا إذا كان الخارج طاهراً كالمني والريح ، فلا يجب الاستنجاء

3- آداب الاستنجاء :

-   يجزئ في الاستنجاء الماء وحده ، أو الحجر وحده ، وكذا ما كان في معنى الحجر من كل جامد طاهر مزيل للنجاسة , كالخشب والخِرَق (القماش) وما في معناهما ؛ لحديث أنس رضي الله عنه : (كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدْخُلُ الخَلاءَ فَأَحْمِلُ أَنَا وَغُلامٌ نَحْوِي إِدَاوَةً مِنْ مَاءٍ وَعَنَزَةً ، فَيَسْتَنْجِي بِالمَاءِ) [رواه البخاري ومسلم]

-   ولحديث عائشة رضى الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمْ إِلَى الغَائِطِ فَلْيَذْهَبْ مَعَهُ بِثَلاثَةِ أَحْجَارٍ يَسْتَطِيبُ بِهِنَّ, فَإِنَّهَا تُجْزِئُ عَنْهُ) [رواه أبو داود بسند صحيح] .

-   والماء أفضل ؛ لأنه أبلغ في التنظيف ويطهر المحل , وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي أَهْلِ قُبَاءٍ ﴿ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا ﴾ [التوبة 107] ، قَالَ : كَانُوا يَسْتَنْجُونَ بِالمَاءِ ، فَنَزَلَتْ فِيهِمْ هَذِهِ الآيَةُ) [رواه أبوداود بسند صحيح] .

-   لا يجوز ولا يجزئ الاستنجاء بأقل من ثلاثة أحجار ؛ لحديث سلمان رضي الله عنه قال : (نَهَانَا -النبي صلى الله عليه وسلم- ... أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلاَثَةِ أَحْجَارٍ) [رواه مسلم] .

-   يكره الاستنجاء باليمين؛ لحديث سلمان السابق ، وفيه : (نهانا - النبي صلى الله عليه وسلم - ... أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِاليَمِينِ ...) .

-       يكره استقبال القبلة واستدبارها حال الاستنجاء ؛ تعظيماً لها .

-   يحرم الاستنجاء بالروث - وهو النجس - ، والعظم ، والطعام ؛ سواءً أكان طعاماً للآدمي أم للبهائم ؛ لحديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تَسْتَنْجُوا بِالرَّوْثِ وَلا بِالْعِظَامِ ؛ فَإِنَّهُ زَادُ إِخْوَانِكُمْ مِنَ الجِنِّ ) [رواه  الترمذي والنسائي بإسناد صحيح] . وتعليل النهي بكونه زاداً للجن تنبيه على أن طعام الإنسان وطعام دوابهم أولى بالنهي ؛ لأنه أعظم حُرمةً .

فإن فعل واستنجى بهذه الأشياء لم يجزئه بعد ذلك إلا الماء , وكذا إذا تعدى الخارج من السبيلين الموضع المعتاد ,لم يجزئه إلا الماء​.

فصـل [في آداب التخلي]

4- ما يسن لدخول الخلاء : يسن لداخل الخلاء ما يلي :

أ‌- -  البعد والاستتار عن الناس لاسيما عند الغائط ؛ لحديث جابر رضي الله عنه قال: (كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ البَرَازَ انْطَلَقَ حَتَّى لا يَرَاهُ أَحَدُ) [رواه أبو داود بسند صحيح] . والبراز : مكان قضاء الحاجة .

ب‌- - التَّسمية والاستعاذة عند الدخول إلى الكنيف (دورة المياه), وعند تشمير الثياب حال قضاء الحاجة في الفضاء ؛ لحديث علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (سَتْرُ مَا بَيْنَ أَعْيُنِ الجِنِّ وَعَوْرَاتِ بَنِي آدَمَ إِذَا دَخَلَ أَحَدُهُمُ الخَلاءَ أَنْ يَقُولَ : بِسْمِ اللهِ) [رواه الترمذي وابن ماجه بإسناد صحيح] .

ولحديث أنس رضي الله عنه قال : (كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ الخَلاءَ قَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الخُبْثِ وَالخَبَائِثِ) [رواه البخاري ومسلم] . والخبث: بضم الباء جمع خبيث، والخبائث:  جمع خبيثة، والمراد : ذكران الشياطين وإناثهم.

ج‌- - تقديم رجله اليسرى في الدخول، واليمنى في الخروج ؛ لأن اليمين تُقدَّم إلى الأماكن الطيبة ، واليسار لضدِّها , ثم يقول : غفرانك ؛ لحديث عائشة رضي الله عنها ) أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا خَرَجَ مِنَ الخَلاءِ قَالَ: غُفْرَانَكَ} (رواه الترمذي وأبو داود  بإسناد صحيح{.

د‌- - أن لا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض ؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما (أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَرَادَ حَاجَةً لاَ يَرْفَعُ ثَوْبَهُ حَتَّى يَدْنُوَ مِنَ الأَرْضِ) [رواه أبو داود والبيهقي بإسناد صحيح].

5-  ما يكره حال التخلِّي : يكره حال التخلي ما يلي :

أ‌-      استقبال الشمس والقمر ؛ تكريماً لهما .

ب‌- البول في مهب الريح ؛ لئلا يرتد عليه فيتنجس بدنه أو ثيابه.

ج- الكلام مطلقاً، إلا لما لابد منه كإرشاد أعمى يخشى عليه من التردِّي ؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما ( أَنَّ رَجُلاً مَرَّ وَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَبُولُ فَسَلَّمَ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْه) [رواه مسلم] .

د- البول في الجحور والثقوب ؛ لحديث قتادة عن عبد الله بن سرجس رضي الله عنه قال: (نَهَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يُبَالَ فِي الجُحْرِ) . قَالُوا لِقَتَادَةَ : [مَا يُكْرَهُ مِنَ البَوْلِ فِي الجُحْرِ؟ قَالَ: إِنَّهَا مَسَاكِنُ الجِنِّ) [رواه أحمد وأبو داود وصححه ابن خزيمة).

ه- ويكره البول في نار أو في رمادٍ ؛ لأنه يورث السَّقم .

و- أن يدخل الخلاء بشيء فيه ذِكْرُ لله تعالى إلا لحاجة ؛ لأن في ذلك إكراماً وإجلالاً لاسمه جلَّ وعَلا , وقد قال الله عز وجل: ﴿ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى القُلُوبِ ﴾ [الحج 35].

- ولا يكره له البول قائماً ؛ لحديث حذيفة رضي الله عنه (أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَتَى سُبَاطَةِ قَوْمٍ فَبَالَ قَائِماً) [رواه البخاري ومسلم] .  والسُّباطة بالضم: المكان الذي يلقى فيه التراب والقمامة.

6- ما يحرم حال التخلي : يحرم حال التخلي ما يلي  :

أ- استقبال القبلة واستدبارها، في الصحراء بلا حائل؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إِذَا جَلَسَ أَحَدُكُمْ عَلَى حَاجَتِهِ فَلا يَسْتَقْبِلِ القِبْلَةَ وَلا يَسْتَدْبِرْهَا) [رواه مسلم] .

أما إذا كان يستتر بسُترة , أو كان في البنيان أو في المرحاض ، فيباح له ذلك ؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : (ارْتَقَيْتُ فَوْقَ بَيْتِ حَفْصَةَ فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقْضِي حَاجَتَهُ مُسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةِ مُسْتَقْبِلَ الشَّامِ (رواه البخاري ومسلم.

وعن مروان الأصغر قال: (رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ ، ثُمَّ جَلَسَ يَبُولُ إِلَيْهَا . فَقُلْتُ : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ! أَلَيْسَ قَدْ نُهِىَ عَنْ هَذَا ؟ قَالَ : بَلَى ؛ إِنَّمَا نُهِىَ عَنْ ذَلِكَ فِي الْفَضَاءِ ، فَإِذَا كَانَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ شَيْءٌ يَسْتُرُكَ فَلاَ بَأْسَ) [رواه أبو داود بإسناد حسن] . 

ب- البول أو التغوط في طريق الناس ، أو في مكان يستظلون به ، أو في مورد ماءٍ ، أو تحت شجرة مثمرة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اتَّقُوا المَلاعِنَ الثَّلاثَ: البَرَازَ فِي المَوَارِدِ , وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ , وَالظِّلَّ) [رواه أبو داود وابن ماجه بإسناد حسن] ، ولئلا يتنجس ما سقط من الشجرة المثمرة .

والملاعن : أي ما يجلب لعنة الناس .

ج- البول أو التغوط بين قبور المسلمين ؛ لحديث عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (...وَمَا أُبَالِي أَوَسْطَ القُبُوِرِ قَضَيْتُ حَاجَتِي أَوْ وَسْطَ السُّوقِ ) [رواه ابن ماجه بإسناد صحيح] .

د- البول في المُسْتَحَم، أو في الماء الراكد ؛ لحديث عبد الله بن مغفل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي مُسْتَحَمِّهِ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ) [رواه أحمد وأصحاب السنن وإسناده صحيح[.

وعن جابر رضي الله عنه (أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يُبَالَ فِي المَاءِ الرَّاكِدِ) [رواه مسلم] .

هـ- المكث أكثر من قدر الحاجة ؛ لأنه كشف للعورة بلا حاجة .

 
وزارة الاوقاف و الشؤون الاسلامية - دولة الكويت - إدارة الإفتاء